أزمة في الأفق

يونس مجاهد

تطرح قضية المسنين في المغرب إشكالات حقيقية، كما هو الشأن في مختلف البلدان، خاصة تلك التي تشهد تخلُّفا في أنظمة الوقاية والحماية الاجتماعية، مما يؤدي إلى ازدياد حالات الاكتئاب والعجز المتواصل، بل البؤس والضياع في بعض الأحيان، وكانت المنظمة العالمية للصحة قد كشفت عن أرقام مقلقة، حيث سجلت أن حالات الانتحار بين المسنين، تشهد ارتفاعا، وأن هذه الفئة العمرية، هي الأكثر انتحارا في المغرب.
ومن الواضح أن وضعية المسنين في المغرب، يطغى عليها طابع الهشاشة، بسبب ضعف الحماية الاجتماعية، حيث إن 85 في المئة منهم بدون تغطية صحية، بالإضافة إلى الفقر والأمية، ويضطر عدد كبير منهم إلى العمل في مهن هامشية، رغم المرض وتقدم السن، كما يعاني عدد منهم من ضعف التضامن العائلي، الذي كان هو الملاذ الأول، في السابق، لكنه تغير بفعل التغيرات التي فرضتها ظروف الحياة العصرية، خاصة في المدن.
وتؤكد الإحصائيات أن عدد المسنين، سيتزايد في المغرب، إذ يتجاوزون حالياأكثر من 3 ملايين و300 ألف مسن. وتشير التوقعات إلى أن عددهم سيبلغ الضعف تقريبا بحلول عام 2030، وسيواصل الارتفاع ليبلغ أزيد من 10 ملايين بحلول عام 2050.
وحسب الدراسات الرسمية، فإن عدد الأرملات يتفوق على عدد الأرامل، إذ يبلغ عدد الأرملات المسنات 46 في المئة مقابل 4.6 في المئة من الرجال المسنين الأرامل فقط، و أن نسبة المتعلمين من فئة المسنين لا تتجاوز 27 في المئة، في حين حوالي 77,9 في المئة أميون.
ومن المعلوم أن هناك عدم استعداد واضح، من طرف السلطات الحكومية، لمواجهة هذه الوضعية، حيث ما زالت أنظمة الحماية الاجتماعية تتخبط في مشاكلها، بالنسبة للفئات العاملة، فما بالك بقدرتها على الاهتمام بفئة المسنين، التي تحتاج إلى الدخل والرعاية الاجتماعية والصحية والنفسية، مما يعني أن المغرب مُقدمٌ على أزمة في الأفق، هي أزمة الشيخوخة، وهو لم يعالج بعدُ أزمة الشباب.