يونس مجاهد
من المنتظر أن تتصاعد تحركات النقابات العمالية، في الشهور القادمة، بسبب الجمود الذي يعرفه الحوار الاجتماعي، في ظل وضع يتميز بتفاقم الفوارق الطبقية وبتزايد الخصاص، دون أن يظهر في الأفق أي أمل لتغيير هذه الأوضاع، حيث تتمسك الحكومة بنفس الموقف، الرافض لأي تغيير في الميزانية وفي توجهاتها الاقتصادية والاجتماعية.
ومن المعلوم أن هذا الجمود، في تحسين الوضع الاجتماعي ليس وليد اليوم، بل يمتد لأكثر من خمس سنوات، أي منذ تولي حزب العدالة والتنمية، برئاسة عبد الإله بنكيران، مسؤولية قيادة الحكومة، واستمر هذا التوجه، في الميزانية الحالية، وفي التوجهات العامة، مما يمكن أن يشكل مصدر قلق للمناضلين النقابيين، الذين يتولون مسؤولية الدفاع عن مصالح الشغيلة ومطالب الجماهير المشروعة.
فبالإضافة إلى ما تم لحد الآن من تراجعات على مكتسبات اجتماعية، وزيادة في أسعار المواد الاستهلاكية وفي الضرائب، هناك بالمقابل تجميد لأي خطوة إيجابية في اتجاه تحسين أوضاع الشغيلة والجماهير الشعبية، التي تكتوي بنار الغلاء وضيق ذات اليد وغياب الضمانات بالنسبة للمستقبل، خاصة بالنسبة للشباب الذي يعاني أكثر من غيره من أزمة البطالة وانسداد الآفاق.
لذلك من الطبيعي أن تنطلق الحركة النقابية في التصعيد، لأنه لا توجد أي مؤشرات حاليا على أن النهج، الذي سطره بنكيران، سيتغير، فمازالت نفس الفلسفة سائدة، رغم أن الكل أصبح مقتنعا بأن النموذج التنموي، الذي تم اتباعه، لحد الآن، استنفد كل إمكاناته. لكن هل ستنتظر النقابات تغيير هذا النموذج لإعلان مطالبها؟ هل ستنتظر الشغيلة النتائج الأولى لهذا النموذج التنموي الجديد، المفترض، حتى تشهر قلقها؟
في انتظار النموذج الجديد، الذي ما زال افتراضيا، لابد من التحرك لمعالجة أوضاع لا تنتظر. فالمغرب يعاني من مشاكل مزمنة على المستوى الاجتماعي، وكان من الضروري أن تتخذ خطوات ملموسة، للتخفيف منها على الأقل، لكن يبدو أن المراهنة ركزت على ضعف الحركة النقابية، وهي مُسٓلمة غير مضمونة، لأن المطالب المشروعة، لا تقبل الانتظار، خاصة إذا كانت تهم ضروريات الحياة الكريمة.