يونس مجاهد
كشفت المعطيات التي قدمتها المندوبية السامية للتخطيط، أَن نسبة الفقر تراجعت في المغرب، بين سنة 2004 وسنة 2014، وأن الخريطة الجديدة للفقر ببلادنا تفيد بأن معدل انتشار الفقر متعدد الأبعاد بلغ على المستوى الوطني 8,2 في المئة سنة 2014. غير أن هذه المعطيات تظل مركزة فقط على الهشاشة القصوى، إذا ما درسنا نوعية المؤشرات التي اعتمدتها.
صحيح أن مجهودات بذلت من طرف الحكومات السابقة، وخاصة منذ نهاية تسعينيات القرن الماضي، لمحاربة الفقر، بالإضافة إلى المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي خلقت فرصاً كثيرة لتجاوز عتبة الفقر، لكن مع كل هذا، تظل هناك معطيات أخرى تكميلية لهذه الصورة، من أهمها معدل البطالة الذي مازال يكبر ويتسع، وخاصة بين الشباب حاملي الشهادات، وهذا ما تؤكده المعطيات المنشورة من طرف المندوبية السامية.
تشير هذه الإحصائيات إلى أَنَّه بين الفصل الثاني من سنة 2016، ونفس الفصل من سنة 2017، زادت البطالة في المغرب، من 1,09 مليون نسمة إلى 1,12 مليون، غير أَن الأخطر من كل هذا هو أَن بطالة حاملي الشهادات وصلت إلى 17 في المئة، متجاوزة المعدل الوطني، الذي هو 9,3 في المئة، كما أَن نسبة البطالة بين الشباب من سن 15 إلى 24، تظل مرتفعة وتصل إلى 23,5 في المئة.
من المعروف أن هذه الأرقام والنسب لا تظهر بجلاء في خريطة الفقر، لأن هناك معطى آخر يخفف كثيرا من وقعها، وهو التضامن العائلي، الذي يمتص الخصاص، كآلية مازالت تلعب دورها، في محيط اجتماعي يُغَلّبُ التآزر والدعم المادي والمعنوي، لأفراد العائلة والأسرة، رغم كل الصعوبات.
خريطة الفقر المرسومة حاليا في المغرب، تفيد كثيراً الفاعلين في كل المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، العمومية، وخاصة الحكومة، لوضع سياسات للحد من آثار هذه الآفة، بطريقة تتجاوز العشوائية، لأن هناك صورة واضحة، غير أن الوضع أصعب من هذه الصورة، رغم قساوتها، ففي ظل اقتصاد لا يخلق مناصب شغل كافية، لا يمكن لظواهر الهشاشة والفقر والضياع، إلا أن تتطور.