من بين أخطر التحديات التي تواجه الثقافة الديمقراطية والحداثة، هي تلك التي تتعلق بخطاب الكراهية والإشادة بالإرهاب والتكفير والدعوة للعنف والعنصرية والتمييز على أساس الانتماء الجنسي والإثني… وقد ازداد هذا التحدي لعدة أسباب، من أهمها تضخم الهويات في مواجهة العولمة، وانتشار التشدد الديني، وتكريس الأزمات وما يصاحبها من هجرات ونزوح.
لذلك فقد أصبح الخطر عالمياً، بتفاوت في التأثير والحدة، لكن قوته تضاعفت في العالم العربي، خاصة في خطاب التشدد الديني، بالإضافة إلى تكريس كل الخطابات الأخرى، سواء تلك التي ترفض الحق في الاختلاف والتعدد، أو تلك التي تحمل خلفيات تمييزية بسبب الجنس والعرق واللون.
ويمكن القول، إن الحاجة إلى التربية الديمقراطية، أصبحت أكثر إلحاحاً، إذ من المستحيل تصور أي تقدم في بناء مجتمع ديمقراطي، بدون ثقافة ديمقراطية، أي بدون تمثل قيم الحوار والتسامح تجاه الرأي الآخر، ومجادلته بقوة الحجة والبرهان، دون اللجوء إلى العنف اللفظي والسب والقذف والتشهير والتكفير… وغيرها من الأساليب الشائعة، اليوم، في وسائل التواصل المستعملة في المغرب.
من المؤكد أَن وسائل التواصل ليست سوى حمّالة مضمون، يعاد إنتاجه من قلب المجتمع، لذلك فهناك مسؤولية جماعية، تتطلب مساهمة مشتركة، للنهوض بثقافة الديمقراطية وحقوق الإنسان، ومواجهة خطاب الكراهية والتطرف.
فهناك التعليم، الذي ينبغي أن يكون أول مساهم في إنتاج مواطن منفتح على ثقافة الحوار والتسامح ونبذ خطاب التشدد والتعصب، وهناك الإعلام الذي يعتبر أداة ناجعة في مناهضة هذا الخطاب، وهناك أيضا دور أساسي للهيئات الوطنية وللأحزاب والنقابات ومنظمات المجتمع المدني، التي تتبنى الثقافة الديمقراطية.
إن أخطار التطرّف وخطاب الكراهية، تزداد قوة في مجتمعنا، لذلك، فنحن في حاجة إلى برنامج شامل لمناهضتها، حتى لا تظل الحملات والمجهودات التي تقوم بها عدة أطراف، مبعثرة، بل ينبغي أن تكون منظمة بأهداف ووسائل وغايات، في الأفق القريب والمتوسط والبعيد، بمشاركة منسجمة من مختلف الأطراف التي تريد أَن تتحمل مسؤوليتها.
الكاتب : يونس مجاهد