مسرحية ثقيلة

يونس مجاهد
حصلت تطورات هامة في موضوع قضية الصحراء المغربية، داخل الاتحاد الإفريقي، بعد أن نجح المغرب في تعديل نص تقرير صادر عن اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، الذي سحب مصطلح «الأراضي المحتلة»، وعوضه بصيغة توافقية، مما يعني هزيمة أولية للجزائر والبوليزاريو، في هذه المنظمة القارية.
وكان المغرب اعترض على الصيغة الأولية، التي صاغتها جنوب إفريقيا، حيث ساندته العديد من الدول الإفريقية، ليتم سحب الوصف الذي يعتبر المغرب «بلداً محتلاً»، وتعويضه بصيغة تعترف بوصف الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي، معاً، وهي بداية تحول هامة.
ومن الطبيعي أن تجد هذه المنظمة الإفريقية نفسها أمام إحراج كبير، لأنها تقبل كياناً غير موجود، لكنه فوق الورق، يسمي نفسه جمهورية صحراوية، في استباق تام لاستفتاء تقرير المصير، لذلك اعتمدت مؤقتاً الصيغة الوسطية، والتي هي بدورها متناقضة، إن لم نقل مضحكة، بسبب تمادي خصوم المغرب، وعلى رأسهم الجزائر وجنوب إفريقيا، في مواصلة المسرحية الثقيلة داخل الاتحاد الإفريقي.
و من المعلوم أن الأمم المتحدة لا تعتبر المغرب بلداً «محتلاً» للصحراء، بل مكلفا بإدارتها، بناءً على اتفاقية مدريد، المعترف بها دولياً، في انتظار الحسم النهائي في مصيرها، عكس الاتحاد الإفريقي الذي سقط في فخٍ، لم يتمكن لحد الآن من الخروج منه.
ومن المؤكد أن نجاح المغرب في تنحية وصف «المحتل» من أدبيات وتوصيات وقرارات الاتحاد الإفريقي، هو بداية تصحيح الخطأ التاريخي الذي ارتكب ضد المغرب وضد القارة بأكملها، وسيتطلب الأمر وقتا، لا يستهان به، لعودة الأمور إلى نصابها، لكن عملية العد العكسي، ضد أطروحة التقسيم والتجزئة، التي هي إعادة إنتاج الخطة الاستعمارية، قد انطلقت، ولن تتوقف.
ويمكن للمغرب أن يعمل على تغيير الصيغة المتناقضة التي توصل إليها الاتحاد الإفريقي، لأنها لا تليق بمنظمة تحترم نفسها، لتتبنى صيغة الأمم المتحدة، التي رغم أنها لا تنصف المغرب، إلا أنها تحاول البحث عن حياد معين، في انتظار الاعتراف بالحقيقة التي يرسمها الواقع العنيد، أي مغربية الصحراء، والذي لن تغيره الجمل المكتوبة في نيويورك أو أديس أبابا، تحت ضغط المصالح والأطماع والمؤامرات.