ليست مُلحقة

يونس مجاهد

من بين الإشكالات السياسية التي أكدتها احتجاجات الحسيمة، موقع الأحزاب المغربية، في المشهد العام لما يحدث في البلاد، حيث تعددت الانتقادات، لأدوارها ووظائفها، بل هناك من حمّلها جزءاً من مسؤولية تدهور الأوضاع، وهناك من اتهمها بالتخاذل والتواطؤ، وغيرها من النعوت القدحية، التي يعرفها الجميع.
و في محاولة للتمييز بين الأحكام الخاطئة وبين الواقع الحقيقي، ينبغي التساؤل عن المكانة التي يوليها النظام المؤسساتي في المغرب للأحزاب، في الممارسة وليس في النصوص، سواء في الدستور أو في القوانين، لأن موقع الأحزاب، كما هو في صيرورة الفعل، مختلف عن التصور النظري.
فالواقع هو أن هناك إرادة، معلن عنها، لتبخيس دور الأحزاب، والإساءة إلى صورتها، إذ يمكن القول إن التمثل السائد في المجتمع المغربي، للتنظيمات السياسية، سلبي، وهو ما يساهم في ارتفاع نسبة العزوف عن المشاركة في الانتخابات وفي التسجيل في اللوائح الانتخابية، وفي ضعف نسب الانتماء الحزبي.
لا يمكن تحسين صورة الأحزاب السياسية وتعزيز دورها في المجتمع، إذا استمرت منهجية التبخيس، ليس من خلال العديد من وسائل الإعلام، فحسب، بل عندما يسود نظام الأعيان والزبونية والشبكات النفعية، الدينية وغير الدينية، كعامل أساسي في ربح المعارك الانتخابية، بينما يتراجع البرنامج وقيم ومعايير المصداقية والنضالية والكفاءة، خلف الصورة.
لقد أدى كل هذا إلى نفور الناس من صورة السياسي، خاصة عندما يسيطر الأعيان المرتشون والدينيون، على المؤسسات المنتخبة، ويعيدون إنتاج نفس منظومة المحسوبية والزبونية وخدمة المصالح الفئوية والشخصية، والانغلاق على مطالب المواطنين وحاجاتهم، وغيرها من المظاهر التي سادت في الإدارة والهيئات المنتخبة.
الآن، بسبب الاحتجاجات في الحسيمة، و مارافقها من تحركات، أصبح العديد ممن تخصصوا في الإساءة للأحزاب الوطنية الديمقراطية، يتساءلون عن دورها ويطلبون منها «الوساطة»، بعد أن عملوا على مرّ السنوات، على تدمير صورتها وتبخيس وظائفها.
من الرسائل البليغة لاحتجاجات الحسيمة، ضرورة مراجعة المنظومة السياسية التمثيلية، التي تبين أنها تفتقد النجاعة والمصداقية، بسب العبث الذي تعرضت له، والذي لايمكن أن يعالج بمحاولات إنعاش مؤقت، بل بعملية جراحية كبيرة، للإنهاء مع إرادة تحويل الأحزاب إلى مجرد ملحقة.