خلفت الإفادة التي تقدم بها محمد بنعبد القادر وزير إصلاح الإدارة والوظيفة العمومية، خلال المجلس الحكومي الأخير، بخصوص الخطوات التي سيتم القيام بها من أجل تنفيذ الالتزام الحكومي القاضي بمراجعة منظومة الوظيفة العمومية، أصداء واسعة في الصحافة المغربية الورقية و الإلكترونية.
وهي الأصداء التي تعكس اهتماما بالغا بهذا الورش الإصلاحي، وذلك لاعتبارات عديدة، أولها الأهمية البالغة التي يكتسيها ورش إصلاح الوظيفة العمومية، وما يمكن أن يترتب عنه من تجويد وتحسين لأداء الإدارة المغربية، وبالتالي الرفع من جودة الخدمات العمومية التي تقدمها إلى المرتفقين، ثم نظرا لكون إصلاح الوظيفة العمومية، قد بقي معطلا ومؤجلا لعقود، حيث تردد الكثير من الوزراء السابقين في خوض غمار هذه المهمة –
م إلا ما كان من بعض الإصلاحات التقنية-، من أجل تحويل نموذجها الحالي الذي يواجه انتقادات كثيرة، إلى نموذج يحقق النجاعة الإدارية، ويستوفي قواعد الحكامة الجيدة المنصوص عليها في الدستور، ويقدم للمرتفقين خدمة مستدامة وجيدة، نموذجٍ يحقق مزيدا من الاستقرار، ومن شروط العمل المحفزة على العطاء والمردودية والابتكار بالنسبة إلى الموظفين.
فمن بين الجرائد التي شاركت في النقاش الذي خلفته إفادة السيد الوزير، الجريدة الناطقة باللغة الفرنسية LES inspirations ÉCO ، حيث وقع مدير نشرها «سمير شوقي» افتتاحية في عدد يوم الثلاثاء 19 مارس، عنونها بالأحقية أو الجدارة Méritocratie، حيث قال إن الوقت قد حان لإقرار نموذج للوظيفة العمومية، يكون مؤسسا على الأحقية والجدارة، وتكون فيه المكافأة على الجهد والابتكار والإنتاج، وليس على الأقدمية كما هو معمول به في النموذج الحالي.
سمير شوقي، أكد أن سبب عجز الإدارة المغربية، عن استقطاب الكفاءات والخبرات راجع لأسباب عديدة، كالامتيازات والمكافآت التي توفرها لها هذه الإدارة، والتي تعتبر قليلة جدا، أمام ما يوفره لها السوق، والأهم احتفاظُ الإدارة المغربية، على نظام للتحفيز تجاوزه الزمن.
وأضاف أن رؤية وزير إصلاح الإدارة والوظيفة العمومية، يجب أن تلقى الدعم والمساندة، إذ أنه لا يمكن الحديث عن المغرب الناشئ، دون وجود رأسمال بشري مؤهل ومنتج. فقد حان الوقت لطيّ هذه الصفحة، مع العلم أنه حتى وإن نجح هذا الإصلاح، وتمت هذه الطفرة بنجاح، فإنه لن ينعكس على أداء الإدارة المغربية إلا في أفق سنة 2030، كتأكيد منه، على أن ورش إصلاح الوظيفة العمومية، لم يعد يقبل التأجيل، بل يجب أن ينطلق من اليوم وليس غدا.
وفي نفس السياق، أكد «خالد الحري» في افتتاحية جريدة الصباح، تحت عنوان «الإصلاح المستحيل !» ، عدد يوم الاثنين 18 مارس، أن إصلاح الوظيفة العمومية، يحتاج إلى جرأة سياسية، تستحضر المصلحة العليا للوطن، في الأول والآخر، شاء من شاء أو كره من كره.
ومن جهتها، تفاعلت جريدة المساء، مع عزم الحكومة الشروع في إصلاح الوظيفة العمومية، بمادة عنونتها بـ» زلزال في نظام الوظيفة العمومية واجتماع استثنائي الأسبوع المقبل»، كاشفة أن الأمر يتعلق بإحداث تحول تدبيري، عبر استعمال وسائل التدبير الحديثة، سواء فيما يتعلق بتدبير الموارد البشرية، أو فيما يتصل بالأنشطة العمومية، ليكون هذا القانون، مؤسسا إلى ربط المسؤولية بالكفاءة وضمان العدالة الأجرية.
أما يومية الأحداث المغربية، فقد ساهمت في هذا النقاش، من خلال مادة على صفحتها الأولى، اختارت لها عنوان «نظام الوظيفة العمومية ورش ساخن يفتح للإصلاح»، تطرقت فيها إلى عزم الحكومة المغربية، على الإقبال على ورش جديد للإصلاح، متعلق بالوظيفة العمومية، كما استحضرت مجموعة من التصريحات التي كان قد أدلى بها محمد بنعبد القادر، في كل مرة كان يتحدث فيها عن الخطوط العريضة التي ستحكم مراجعة الوظيفة العمومية، كتشديده دائما على إعمال مفهوم الخدمة العمومية، بوصفه المدخل الأساس واللازم للإصلاح الإداري في الوظيفة العمومية، وهو المفهوم الذي لا يمكن تصور تحقيقه أبدا في ظل هذا النموذج الإداري الحالي، الذي يشكل كابحا أساسيا لكل تطور في اتجاه تحقيق جودة الخدمة العمومية.
هذا فضلا عن العديد من الأصداء الواسعة، التي خلفها هذا الموضوع، في الجرائد الإلكترونية، كهسبريس، وزنقة20، ومحطة24..إلخ، والتي انخرطت في النقاش الذي خلفته إفادة محمد بنعبد القادر بخصوص الخطوات التي سيتم القيام بها من أجل مراجعة منظومة الوظيفة العمومية، وإن كان هذا الاهتمام الإعلامي الكبير، يدل على شيء، فإنه يدل على اهتمام الرأي العام الوطني، وتطلعه إلى إرساء دعائم إدارة مغربية، تستجيب لتطلعات الشعب المغربي، وتكون في مستوى طموحاته، وهو الأمر الذي يفرض ضرورة القيام بمراجعة شاملة للنظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، الذي يعود تاريخ صدوره إلى سنة 1958، مما يعني معه الانكباب على ملاءمة هذا النظام مع أحكام ومكتسبات الدستور الجديد للمملكة. ولا يخفى في هذا السياق، أن التوجه نحو إعداد نموذج تنموي جديد، يحتاج إلى تدبير حديث ومتجدد للموارد البشرية، خاصة منها الموارد البشرية للدولة.
تجدر الإشارة إلى أن المجلس الحكومي، وبعد إفادة وزير إصلاح الإدارة والوظيفة العمومية، كان قد قرر عقد اجتماع خاص لمناقشة مشروع رؤية استراتيجية حول نموذج جديد للوظيفة العمومية، يوم الأربعاء 3 أبريل 2019.
فتح الله الرمضاني