تقارير متقاطعة

يونس مجاهد

أصدرت الأمم المتحدة تقريرها حول مؤشرات التنمية البشرية لسنة 2017، حيث تم تصنيف المغرب في مرتبة متأخرة، خاصة بالمقارنة مع البلدان العربية، مما أثار العديد من التعليقات في الصحافة، وهذا أمر طبيعي، يحصل كل مرة، عندما تصدر تقارير عن منظمات وطنية ودولية، بخصوص التنمية في المغرب.
غير أَن الذي لا يمكن اعتباره طبيعيا هو محاولة تبرير هذا الوضع، بتقديم أرقام متفائلة وتقييمات تطعن كُليّةً في مثل هذه التقارير، من طرف جهات حكومية، في الوقت الذي كان فيه من المفترض التعامل معها بواقعية، رغم ما يمكن أن يقال عن عدم دقة المؤشرات وغيرها من الانتقادات المنهجية، التي تصاحب أي تقرير كيفما كان.
ورغم الترتيب الصادم للمغرب في هذا التقرير الأخير، إلا أنه لا يمكن أن يفاجئ المتتبعين، خاصة وأنه يتقاطع مع تقارير دولية سابقة، ومع دراسات وتقارير وطنية، سواء تلك التي تتعرض للصحة أو للتعليم أو لتوزيع الثروة، وكذلك للبطالة والتشغيل وأوضاع الشباب والمرأة والحماية الاجتماعية، وغيرها من المعضلات البنيوية، التي لا يمكن الادعاء بأن بعض الإجراءات الحكومية الظرفية، قادرة على تجاوزها.
فمؤشرات التنمية البشرية، التي تعتبر من أهم المعطيات التي تقدم الخريطة الشاملة لتطور بلد معين، هي نتيجة تراكم طويل وممتد عبر العقود، لأوضاع اقتصادية واجتماعية وتربوية، لا يمكن تجاوزها إلا بتخطيط استراتيجي، وليس بإجراءات استعجالية، رغم أهميتها.
وهنا لا بد من استحضار التقييم السلبي للنموذج التنموي المغربي، الذي أصبح من الضروري مراجعته، دون أي تأخير، بعد التقاعس الذي مازال مستمراً، رغم كل الهزات الكبرى التي عرفتها المجتمعات وخاصة في العالم العربي، والتي تؤكد أن الوقت حان لإحداث التغييرات الجذرية، التي من شأنها تقليص الفوارق بين الطبقات الاجتماعية والمحاربة الفعلية للريع والفساد والاحتكار وتمركز الثروة وإصلاح المؤسسات العمومية والمجالس المنتخبة والإدارات، حتى تقوم بأدوارها بكل نجاعة وكفاءة.