نقْلٌ يليق بالبشر

يونس مجاهد

ليست هي المرة الأولى التي تحصل فيها حوادث خطيرة، تتسبب في مقتل مواطنين وجرح آخرين بجروح متفاوتة، وهم يستعملون وسائل نقل غير ملائمة وغير مرخصة، مثل الشاحنات الصغيرة والكبيرة، حيث يحشرون فيها بالعشرات، كما حصل مؤخرا في إقليم الجديدة، وهي الحادثة التي توفي فيها شخصان وجرح فيها تسعة عشر آخرين، على متن شاحنة صغيرة لنقل البضائع وليس البشر.
مثل هذه الحوادث تتكرر باستمرار، دون أن يوضع لمثل هذه الأشكال من النقل حد، بل يستمر الأمر كما لو كانت أرواح الناس وسلامتهم، لا قيمة لهما، بل أكثر من ذلك، انضافت لشاحنات نقل البضائع، وسيلة جديدة أخطر بكثير، وهي النقل الجماعي على متن الدراجات النارية المستعملة لنقل السلع، والمسماة «التريبورتر».
الغريب في الأمر، أن هناك قانونا للسير، يتم السهر على تطبيقه بصرامة في حق أصحاب السيارات والدراجات النارية، وهو أمر طبيعي في بلد متحضر، حرصا على سلامة المواطنين وعلى الممتلكات العامة والخاصة، لكن هذا القانون، يتعطل بالمرة، عندما يتعلق بشاحنات نقل السلع التي تتحول لنقل البشر، ويتم هذا تحت أعين الشرطة والدرك.
ويمكن القول، إنه بالإضافة إلى كل هذا، فإن قطاع النقل في المغرب، يشكل أحد مظاهر التخلف الكبرى التي نعيشها، ليس فقط بسبب هذا النقل الجماعي غير المنظم، بل إن القطاع المنظم بدوره يشكو من خصاص كبير على المستويين الكمي والكيفي، سواء في المدارات الحضرية أو بين المدن.
وخير مثال على ذلك حافلات النقل الحضري في عاصمة المغرب وفي مدن أخرى مثل الدارالبيضاء، التي تلوث الفضاء، منظرها بشع، هياكلها متقادمة، لا تحترم الوقت، إلى غير ذلك، من السلبيات التي يعرفها الجميع، وخلاصة القول أنها لا تليق بالبشر.
أما قطاع النقل بين المدن، فهو بدوره يشكو من خصاص كبير على المستوى الكمي والكيفي، مما يؤكد أن إعادة هيكلة قطاعات النقل في المغرب، تعتبر مهمة ملحة ومستعجلة، احتراما لحقوق المواطنة، واستجابة لحاجيات التقدم والتحضر، الذي يعتبر النقل العمومي أحد ركائزهما الأساسية