حقوق إنسان إنتقائية

يونس مجاهد

أثار عدد من المنظمات الحقوقية الصحراوية، إشكالية تستحق الاهتمام، وتتعلق بالمنهجية التي تسلكها منظمات «حقوقية» صحراوية أخرى، تساند الانفصال. غير أن هذه المساندة تسري على كل مواقفها، حيث تتجه اتجاها واحدا، أي أن مبادئ حقوق الإنسان تطبق فقط عندما يتعلق الأمر بالسلطات المغربية، أما ما يرتكبه الانفصاليون، في حق الصحراويين في تندوف، فهو لا يدخل في خانة المبادئ «الحقوقية»، التي تهم هذه المنظمات.
لذلك، فإن أقل ما يمكن أن توصف به هذه المنهجية، أنها انتقائية، إن لم نقل تلفيقية، أي أنها تختار وتُرٓكّبُ ما يخدم موقفها السياسي، وليس ما تدعيه من انتمائها لمجال الدفاع عن حقوق الإنسان. فالذي يتحكم في أنشطتها، هو القرار المسبق الذي تتخذه من النزاع حول الصحراء المغربية، والذي يتبنى كلية موقف الدولة الجزائرية والبوليزاريو. فهي منظمات مشحونة، مرجعيتها سياسية، وليست حقوقية.
ومن المعلوم أن خطة تغليف النشاط السياسي، بالحقوقي، مسألة ليست جديدة، بل استعملت ومازالت تستعمل، بالخصوص من طرف منظمات غربية، أغلبها أنكلو ساكسونية، في اتجاه واحد، سابقا، ضد ما كان يسمى بالمعسكر الشرقي، وبعده ضد بلدان عربية، وغيرها في افريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، وهي تشتغل عبر منهجية انتقائية، حيث تختار ما يتماشى مع أهدافها السياسية، وتمنحها المظلة الحقوقية، وبذلك تضخّم ما تشاء وتُقزّم ما تشاء، وتهمل أحداثا ووقائع أخرى…
وهي المنهجية التي تسلكها منظمات «حقوقية» صحراوية، تجهر بموقفها الانفصالي، لكن الأمر يتعدى هذا، حيث تتحول إلى أداة سياسية لمهاجمة المغرب، في المحافل الدولية، باسم حقوق الإنسان، بينما تتجاهل بشكل مطلق، الجرائم التي يرتكبها الانفصاليون، آخرها اغتيال الشاب ابراهيم ولد السالك ولد بريكة، في أحد السجون، الواقعة في الأراضي الجزائرية، لأنه معارض ينتمي لحركة «5 مارس»، دون أن تطالب هذه المنظمات حتى بالحد الأدنى، مثل فتح تحقيق مستقل في أسباب الوفاة، كما طالبت بذلك عائلته.