الجامعة قضية سياسية

يونس مجاهد

كان برنامج «ضيف الأولى»، الذي استضاف الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم العالي، عبد الكريم مادون، الثلاثاء 20 مارس الأخير، مناسبة هامة لتشخيص وضع الجامعة المغربية، على مختلف المستويات العلمية والبيداغوجية والمادية، بالإضافة إلى استعراض المشاكل التي يعاني منها الأساتذة، ويمكن القول إن البرنامج كان فرصة حقيقية ليطلع المواطن المغربي على واقع أحد أهم مقومات التطور الفكري والعلمي، التي من المفترض أن تكون قاطرة للتنمية، كما هو حاصل في العديد من البلدان المتقدمة.
رغم أن مشاكل الجامعة المغربية معقدة وشاملة، إلا أن البرنامج نجح في إجراء استعراض سريع لأهمها، ولا يمكن للمشاهد إلا أن يصاب بالذهول وهو يطلع على بعض المعضلات التي يعيشها التعليم الجامعي والعالي، من ارتباك وتشتت المؤسسات وغياب الإستراتيجية و تخبط في السياسات وعدم استمراريتها وخرق للالتزامات من طرف الحكومة، وغيرها من القضايا التي تمت إثارتها، وأكدت أن المشاكل المتراكمة، لم تحصل بشكل عفوي، بل كانت نتيجة سياسات فاشلة.
وقد كشف البرنامج كذلك ضعف التنسيق داخل الحكومة السابقة والحالية، في العديد من القرارات التي تهم الجامعة والموارد البشرية، وغيرها من المسؤوليات التي لم يتم الالتزام بها، مما أدى إلى التوتر الذي تشهده الأوضاع اليوم، خاصة أن هناك محاولات لتشجيع التعليم العالي الخصوصي، وكأنه البديل الناجع، على حساب الجامعة العمومية، التي تلجأ إليها أغلب الفئات الفقيرة والمتوسطة، باعتبارها المنفذ الوحيد للدراسة العليا والتقدم العلمي والفكري والارتقاء الاجتماعي.
لذلك، فإن مشاكل الجامعة ليست نقابية صرفة أو مسألة تهم الحركة الطلابية وحدها، بل هي قضية تقع في قلب الوضع الشامل للحاضر والمستقبل المغربي، لأن مصير التعليم العالي والبحث العلمي والتقدم الحضاري، مرهون بمآلها، مما يفرض على الأحزاب السياسية وضع معضلة التعليم عامة، والجامعي خاصة، على رأس أولوياتها.