رافعة التنمية والتقدم

يونس مجاهد

تواصل النقابة الوطنية للتعليم احتجاجاتها، من أجل المطالبة بتعديل كفة السياسة العمومية، تجاه الجامعة المغربية، التي أصبحت مهددة بسبب الاستراتيجيّات التي أخذت تكشف عن نفسها، والتي تسير في اتجاه إضعاف التعليم العالي العمومي، لصالح المعاهد والمؤسسات الخاصة، بالإضافة إلى أهمية المطالب الأخرى، التي تشمل مراجعة وتحسين أوضاع الأساتذة وكل ما يتعلق بالبحث العلمي.
ويمكن القول إن هذه الاحتجاجات جاءت في وقتها، من أجل التصدي للخطاب الذي يحاول أن يُسَوّقَ لنموذج جديد في التعليم، بصفة عامة، معتبراً أن حل الأزمة يكمن، فقط، في التمويل وإشكالية المجانية وغيرها من المقدمات، التي تسعى إلى تكريس الفوارق بين أبناء الطبقات الميسورة والفقيرة، والتملص من مسؤولية الدولة لإصلاح منظومة التربية والتكوين، من منطلق حماية وتطوير المدرسة العمومية.
وما تجدر الإشارة إليه في هذه الحملة النضالية، التي تخوضها النقابة الوطنية للتعليم العالي، هي القوة التي تقف وراءها على المستويين الكمي والنوعي، حيث إن هذه النقابة تمثل الضمير الحي لنساء ورجال التعليم العالي، في بلادنا، منذ عقود، رغم بعض المحاولات الفاشلة لإضعاف تمثيليتها.
ويحتاج التعليم العالي في المغرب، إلى مراجعة شاملة، خاصة أمام تنامي الحديث عن النموذج التنموي الجديد، إذ لا يمكن تصور أي تقدم سياسي وثقافي واقتصادي واجتماعي، دون المساهمة الفاعلة للجامعات والمعاهد العليا، التي تعتبر، في كل البلدان المتقدمة، الرافعة الأساسية للتقدم والتطور والابتكار والإبداع، على كافة المستويات، لإنتاج النخب الكفؤة والمساهمة في البحث العلمي وتطوير قدرات الإبداع والابتكار والعقل النقدي…
التربية والتكوين، وخاصة التعليم العالي، هو المشتل الذي يوفر للأمم الناهضة والمتقدمة الموارد البشرية الضرورية لبناء قوتها وحضارتها، لذلك فهي تتعامل معه كثروة وفرصة ثمينة، وليس كما لو أنه مجرد عالة تثقل كاهل الدولة والميزانيات العمومية، يتخرج منها شباب، لينضاف نصفهم تقريباً إلى أرقام ومعدلات البطالة.