يونس مجاهد
ما تشير إليه الأرقام، بخصوص المشاركة في العمليات الانتخابية، بالمغرب، يدعو للقلق، حيث إن عدد المصوتين هم أقل من نصف المسجلين في اللوائح الانتخابية، كما أن عدد المسجلين، يتجاوز نصف الذين يحق لهم التصويت، بقليل، مما يؤكد أَن حوالي ربع عدد الناخبين المفترضين في المغرب، هم الذين يشاركون. وإذا أضفنا إلى كل هذا دوافع البعض للمشاركة في التصويت، مقابل المال أو نظراً لخضوعه للصدقة التي تقدمها جمعيات إحسانية، فإن الباقي، هو الذي يشارك فعلياً، عن اقتناع.
لا يمكن إلا أن نسجل أن هذه الصورة قاتمة، ليس فقط فيما يتعلق بالمشاركة الانتخابية، بل أيضا، بالمشاركة السياسية، أي الانخراط في الأحزاب والهيئات، بصفة عامة، غير أن السؤال الكبير الذي يفرض نفسه، هو: هل هذا يعني أن المواطن لا يهتم بالشأن العام؟
ما يمكن ملاحظته، أن هناك اهتماما متزايدا من طرف المواطنين، بكل ما يجري حولهم، خاصة فيما يتعلق بما يؤثر على حياتهم، على كل المستويات، بما في ذلك المستوى السياسي، وقد تضاعف الاهتمام، بفعل الانتشار الواسع لوسائل التواصل، غير أَن هذا الاهتمام المتزايد لا ينعكس –حتمًا- على الممارسة السياسية والمشاركة الانتخابية.
هنا، في نظرنا، ينبغي البحث عن أصل الداء، أي كيف يمكن ترجمة اهتمام المواطنين، خاصة الشباب، بمحيطهم المحلي والوطني والدولي، إلى مشاركة إيجابية في الفعل السياسي؟ هل الأمر يتعلق بضعف هياكل وسائل التأطير لدى الأحزاب السياسية، أم أنه يعني –أيضا- ضعف الوعي بأهمية المشاركة في الهيئات السياسية، من أجل التعبير عن الإرادة، والمواقف، والفعل في أرض الواقع؟
صحيح أن هناك جهات يخدمها الموقف العدمي، لكنها تجد لذلك أرضية خصبة، سواء في الخطاب الذي يروج حول الأحزاب وحول الفاعل السياسي، أو في الصورة التي تقدمها الانتخابات، والتي يلعب فيها الإحسان والمال، دور المؤطر الرئيسي، مما يحيل مسألة المشاركة السياسية، عن اقتناع وباستقلالية عن إغراءات المال، مهما كان مصدره، إلى أولوية الأولويات، لبناء بلد متقدم ومتطور وقادر على إدماج شامل للمواطنين للمساهمة في الشأن العام.