درهم وقاية

يونس مجاهد

اشتكى الرئيس التونسي، الباجي قائد السبسي، من الإعلام الأجنبي، الذي قال عنه بأنه قام بتضخيم ما يحصل في بلاده من أحداث، بهدف تشويهها، وخدمة أهداف معينة، رغم أنه اعتبر، في نفس الآن، أن على الحكومة أن تتحمل مسؤوليتها، في معالجة الأوضاع، وعدم إلقاء اللوم على الآخرين، على حد تعبيره.
ومن المعلوم أن الاحتجاجات التي عرفتها تونس، بسبب غلاء الأسعار والزيادة في الضرائب، تخللتها أعمال شعب، واعتقالات، واتهامات، من طرف الحكومة، باستغلالها من طرف المعارضة اليسارية ومجموعات أخرى، من أجل زعزعة الاستقرار، في هذا البلد.
ويمكن القول، إنه ليست المرة الأولى، التي يشتكي فيها المسؤولون في دول مشابهة لتونس، في العالم العربي وإفريقيا وغيرها من القارات، من مثل هذا التعامل الذي تقدمه وسائل الإعلام الدولية، عندما يتعلق الأمر باحتجاجات ومظاهرات واضطرابات، خاصة وأن تأثير التغطيات التي تنجزها، تؤثر كثيرا على تطور الأحداث، وأحيانا تكون عاملا من عوامل استمرارها.
ويتذكر الجميع الدور السلبي الذي لعبه الإعلام الإسباني، في أحداث، أكديم إيزيك، بالصحراء المغربية، حيث لجأت قنوات وجرائد، بل كذلك وكالة إيفي، إلى نشر وبث صور وتسجيلات كاذبة، تم فضحها من طرف المغرب، غير أنه بالإضافة إلى ذلك، فإن وسائل الإعلام الإسبانية عملت على تضخيم الأحداث، وترويج وجهة نظر واحدة، تجاه ما حصل خلال تلك الفترة.
مثل هذه المشاكل تحدث باستمرار، حيث يبحث الإعلام الأجنبي، عن فرص العمل، كما أنه في بعض الأحيان، يعمل على خدمة أجندات معينة، بشكل واضح ومكشوف، غير أنه من الصعوبة على المسؤولين في البلدان التي تحصل فيها مثل هذه المشاكل، نفي الواقع.
فالإعلام الأجنبي، ينطلق من واقع معين، ربما يضخمه، لكنه لا يخلقه من فراغ، وهنا تكمن مسؤولية الدول، التي تتعرض لمثل هذه الحملات، إذ أنها تتجاهل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية، إلى أن تحصل انفجارات، تصعب السيطرة عليها، لذلك فقد تتدخل أطراف دولية ووسائل إعلام خارجية، لخدمة أجندتها، رغم أنه كان من الممكن تجنب كل ذلك، لو تم العمل بالمثل العربي، درهم وقاية خير من قنطار علاج.