يونس مجاهد
من بين القضايا الأساسية التي تطرح اليوم على الحكومة، بالخصوص، وعلى كل الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين، بصفة عامة، موضوع الشباب المغربي، الذي يشكل قوة إنتاجية وابتكارية لا تقدر بثمن، وفرصة لا ينبغي تفويتها بالنسبة لكل الشعوب، لأن التوجه العام الذي سيسير نحوه المغرب، وعدد كبير من البلدان، هو شيخوخة السكان في ما سيأتي من أعوام، وهذا ما تكشفه المعطيات، حيث ستنزل نسبة الشباب في الساكنة المغربية، تدريجيا، في أفق سنة 2040.
وقد نبه البنك الدولي إلى هذا الإشكال، معتبراً أن المغرب ينبغي أن ينتج الثروة لمواجهة شيخوخة ساكنته، والبداية تكون باستغلال الطاقات الشابة التي يزخر بها، حيث تقارب نسبة السكان الذين تقل أعمارهم عن 25 سنة، النصف، مما يعني أن الطلب على التشغيل سيكون أولوية الأولويات.
ويعني هذا أَن الاستراتيجيّات العمومية، ينبغي أن تركز على الشباب، ضمن مخطط يستهدف، بالأساس، هذه الفئة، التي تحتاج أساسا إلى التعليم والتكوين، وفتح المجال أمامها للعمل وللاستثمار، أي أن الميزانيات وما يتعلق بالإجراءات والتدابير والقوانين، في مجالات الاقتصاد، من مشاريع وخدمات وغيرها، يجب أن تأخذ بعين الاعتبار هذا المعطى الرئيسي.
يحتاج المغرب إلى مخطط شبابي، شامل، لأن التوترات الاجتماعية، مصدرها الأول هو وضع هذه الفئة العمرية، التي يعيش جزء غير يسير منها، حالة من الضياع وانسداد الأفق، في ظل أوضاع اقتصادية هشة، ومحيط يتسم بالإهمال والتجاهل وأحياناً، بالعنف.
لم تنفع السياسات التي تم اعتمادها لحد الآن، في تجاوز هذه الأوضاع، منها المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، بالرغم مما صُرِفَ عليها من أموال، وكذا كل المشاريع الأخرى، التي وضعت في هذا الإطار، فهي لم تتمكن من معالجة هذا الإشكال لأنها لم تدخل ضمن مخطط شامل، اسمه مستقبل الشباب المغربي.
وفي الحقيقة، إنه ليس مستقبل الشباب المغربي، بل هو مستقبل المغرب، لأن بلادنا تعيش فورة ديمغرافية شبابية، ستبدأ في الانحدار، وعلينا أن نتعامل مع هذه الفورة كثروة وليس كعبء، لنحضر الأجوبة، لما سيأتي من عقود.