حصلت قضية غير مسبوقة في علاقات إسبانيا بالملف الصحراوي، رغم أنها لم تحظ بالاهتمام اللازم من طرف وسائل الإعلام، التي اكتفى أغلبها بسرد الوقائع، وحصرها في الإشكالات القانونية، دون التطرق إلى عمق المسألة، حيث اعتصم أكثر من سبعين شابة وشابا، قادمين من مخيمات تندوف، في مطار مدريد، ليطالبوا باللجوء إلى إسبانيا، هرباً من جحيم المخيمات.
رفضت السلطات الإسبانية طلبهم، بحجة أنهم بدون جنسية، مادام أن ليس هناك وجود ل»دولة صحراوية»، فالجواز الذي يتحركون به جزائري، دون أن تكون لهم جنسية جزائرية، أي أن وضعهم القانوني، هو مواطنون بدون جنسية، أو كما يسمون في بلدان أخرى «البِدون».
التناقض الذي تم تسجيله على السلطات الإسبانية، بهذا الخصوص، هو أن ممثلي الانفصاليين، يقيمون في اسبانيا بجوازات سفر جزائرية، ويفتحون تمثيليات رسمية فيها، تعترف بها سلطات هذا البلد، وتتعامل معها الحكومة والبرلمان والهيئات المنتخبة، دون أي تحفظ.
لذلك احتجت بعض المنظمات الإسبانية متهمة سلطات بلدها بالتعامل بقسوة مع الشبان الصحراويين، لأنها لم تمتعهم بالدعم القانوني الذي يقدم في مثل هذه الحالات، بل هناك من اتهمها بأنها أبرمت صفقة مع سفارة الجزائر في اسبانيا وممثلي البوليزاريو، لطي هذا الملف.
وقد أدانت إحدى المنظمات الإسبانية اللجوء للقوة لإرغام عدد من هؤلاء الشبان على العودة إلى الجزائر، في حين دخل 45 منهم في إضراب عن الطعام، احتجاجاً على سوء المعاملة من طرف السلطات الإسبانية. من بين هؤلاء شاب صحراوي، اسمه بومراحا معمر، يبلغ من العمر 24 سنة، حكى لجريدة «إل دياريو»، كيف وضع البوليس الإسباني القيود في أيديهم، ومنعوهم من الاتصال بعائلاتهم، وتركوهم محبوسين في غرفة بالمطار في ظروف سيئة، وقال هذا الشاب الذي سبق أن قضى خمس عطل لدى أسر إسبانية، «كنّا نعتقد أَن إسبانيا هي بلدنا الثاني، لكنها ترفضنا اليوم».
بينما نقل موقع «أنفوليبري»تصريحا لشاب آخر، اسمه إبراهيم سلّم، يقول فيه إن السلطات الإسبانية مزقت جوازات سفرهم الجزائرية، وترغمهم حالياً على العودة للجزائر، عنوة، متسائلاً عن مصيره عندما يعود، حيث ينتظره الاعتقال. وتحكي الجريدة أن أحد أصدقائه، الذي لم يرد الإفصاح عن اسمه، فَسّرَ هرّبهم من تندوف بسبب «العنصرية، واللامساواة والشطط في استعمال السلطة».
لقد نجحت السلطات الإسبانية والجزائرية وانفصاليو البوليزاريو في تمرير هذا الملف، دون تبعات سياسية وقانونية، كان من الممكن أن تتحرك فيها المنظمات الحقوقية الدولية، التي لا تفلت لها شاذة ولا فاذة، في هذا الملف، لكن عندما يكون ضد المغرب.
الكاتب : يونس مجاهد