يونس مجاهد
مرة أخرى يؤكد الاعتداء الذي حصل على طاقم القناة الثانية، يوم 20 يوليوز الأخير، في الحسيمة، من طرف بعض المتظاهرين، الحاجة الملحة إلى التربية الديمقراطية، التي يمكن اعتبارها مفقودة لدى بعض المواطنين المغاربة، والتي تتجلى في العديد من التظاهرات، حيث يتعرض الصحافيون والعاملون في الإعلام العمومي، إلى السب والشتم وتصل الأمور أحيانا، إلى حد الاعتداء الجسدي.
فقد سبق أن تعرضت الطواقم الصحافية للقناتين المغربيتين، الأولى والثانية، وكذلك وكالة المغرب للأنباء، لمثل هذه الممارسات، ليس من طرف متظاهرين فحسب، بل من طرف أعضاء في هيئات حقوقية ونقابية وسياسية، بمبرر أنهم يمثلون «الإعلام المخزني».
وتطرح هذه الممارسات المشينة، التي تتكرر باستمرار، عدة إشكالات، لا يمكن تجاهلها والمرور عليها مٓرّ الكرام. أولها، أن الصحافيين والعاملين في أي مقاولة أو مؤسسة، لا يمثلونها، بل هم أجراء يؤدون واجبهم في إطار التعاقد الذي يربطهم بمشغلهم، فهم جزء من الشغيلة. ثانيها، أنهم لا يتحكمون في الخط التحريري للمؤسسات التي يشتغلون بها، فهناك مسؤولون في التحرير والإدارة هم الذين يتخذون القرارات بهذا الشأن. ثالثها، وهذا الأهم، لا يمكن معالجة الخلاف في وجهات النظر بالعنف اللفظي أو الجسدي، لأن الاختلاف أمر طبيعي، ويدخل في إطار حرية التعبير.
كيف يمكن لمتظاهرين، من المفترض فيهم أنهم يساندون الحق في التعبير، أن يتعاملوا بهذا الشكل، الذي تعامل به المعتدون على طاقم القناة الثانية، ما هو مبررهم للقيام بمثل هذا العمل المشين؟ ما هي مرجعيتهم الحقوقية والثقافية، التي تُسٓوغ لهم مثل ما قاموا به، إن لم يكن غياب التربية الديمقراطية؟
لذلك، من المفيد جدا، أن يناقش هذا الموضوع، من هذه المرجعية، أي الحق في الاختلاف واحترام حرية التعبير، للجميع، ومعالجة الخلافات ووجهات النظر المتباينة بالنقاش البناء، وليس اللجوء للعنف اللفظي، الذي تمتلئ به الشبكات الاجتماعية، والذي ينعكس كذلك في التعبيرات المتعصبة، خلال التظاهرات.
بالإضافة إلى المرجعية الحقوقية، هناك الوسائل القانونية، خاصة عندما يتعلق الأمر بوسائل الإعلام العمومية، وهذه قضية ليست وليدة اليوم، بل هي صيرورة متواصلة، من العمل النقابي والمطالب السياسية والمعنية، ولا يمكن أن تعالج بمنظور ذاتي وبأسلوب انتقامي .