الحبيب المالكي رئيس مجلس النواب، خلال لقاء لمناقشة مشروع القانون التنظيمي رقم 26.16 المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغي

عن جريدة الاتحاد الاشتراكي

قال الحبيب المالكي رئيس مجلس النواب، إن المغرب المعاصر ظل يُنْضِجُ خياره الديموقراطي ويُعَمِّقُهُ بتراكم الإصلاحات والتوافقات وبثقافة التغيير والتحويل والبناء المؤسساتي، مشيرا إلى أن معظم ما تم إنجازه اتخذ طابعا سياسيا في الغالب.
وأوضح أمس الأربعاء في كلمة له أمام لجنة التعليم والثقافة والاتصال في مجلس النواب، أن النموذج الديموقراطي المغربي ظل في حاجة إلى تغيير في الرؤى الفكرية والذهنيات والسلوكيات الكفيلة بإضفاء معنى جديد، معنى ثقافي فكري على نموذجنا الديموقراطي، وذلك باعتبار أن الديموقراطية كيفما كانت قوتها، تظل ناقصة إِن لم نجعلها ديموقراطية ثقافية وفكرية ولغوية وإنسانية.
وهذا، يقول رئيس مجلس النواب، «معنى أن تشكل الديموقراطية أساسا للحرية والمساواة بين الأفراد والجماعات، وبين الجهات الجغرافية، وبين الجنسين بل أساسا للتماسك الاجتماعي والانصهار الثقافي».


وأضاف المالكي، خلال هذا اللقاء، الذي خصص لفتح نقاش مشروع القانون التنظيمي رقم 26.16 المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، وذلك في سياق التحضير الجدي، المسؤول والضروري لتقديم ومناقشة هذا المشروع من طرف مجلس النواب، على طريق المصادقة عليه طبقا لسيرورة العمل التشريعي في بلادنا وإقراره، «نحن اليوم بصدد إنجاز دستوري تشريعي يعلي من شأن ومكانة الأمازيغية، لغة وثقافة وممارسة مجتمعية ورسمية، وذلك «تجسيدا لقوة الإيمان بالمستقبل، كما عبر عنه جلالة الملك في خطاب أجدير، مستقبل مغرب التضامن والتلاحم، مغرب الإرادة والجد، مغرب الفضيلة والطمأنينة والرصانة، مغرب الجميع، القوي بوحدته الوطنية».
ومن هنا، يشير رئيس مجلس النواب، فإن المؤسسة التشريعية مطالبة بأن تدعم هذا الأفق الذي دشنه جلالة الملك، منذ أكثر من ست سنوات، وأن تنصت لتطور المجتمع المغربي وديناميته الثقافية واللغوية، وكذا الإنصات لأهل الاختصاص ولمختلف الفاعلين والنشطاء والحكماء. لابد من الاستئناس، والاسترشاد، والتفاعل الخلاق المنتج لقوانين وقوانين تنظيمية قوية متطورة منفتحة على تجربة الواقع وتحولاته، ومعبرة عن روح الدستور الذي يعبر بدوره عن روح الأمة.
وقال المالكي «لا أتصور أن أي وصفة قانونية مهما كانت قوية يمكنها أن تكون نهائية وجامعة مانعة، وخصوصا حين يتعلق الأمر بحقل لغوي ثقافي حضاري مرتبط بالجذور البعيدة ومتجه نحو المستقبل»، مؤكدا على ضرورة التفكير فقط في التوفير للمجتمع وللمستقبل وللوضع اللغوي المتعدد نظاما من المعايير المرنة يتم التوافق الوطني حوله، ويظل مفتوحاعلى الهوية الوطنية المنفتحة، وعلى دينامية المجتمع، والتجارب في المستقبل.
واستحضر رئيس مجلس النواب الإرادة الملكية الوثابة ضمن المبادرات من أجل إعادة اعتبار كاملة للمكون اللغوي والثقافي الأمازيغي، مشيرا إلى أنه وفي إثر الخطاب الملكي المولوي بأجدير، جرى أيضا وضع الطابع الشريف على الظهير المُحْدِث للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية. ثم جرى تبني حرف تيفيناغ لكتابة الأمازيغية في فبراير 2003، وتم الشروع في تدريس نموذجي لهذه اللغة الوطنية، التي كرسها لاحقا دستور 2011 لغةً وطنيةً مغربيةً رسميةً إلى جانب شقيقتها اللغة العربية في انفتاح على اللغات الإنسانية الأخرى.
وقال «لاشك أن المغرب الراهن، دولةً ومجتمعاً، ونُخَباً فكريةً وثقافيةً واجتماعيةً وسياسيةً، ومجتمعاً مدنياً، وفاعلينَ ونُشَطاءَ، ينتظرون نتائج عملنا وكذا اليوم الذي سيتم فيه إقرار هذا القانون التنظيمي الهام بمضامينه وروحه التشريعية، وأبعاده الثقافية والاجتماعية واللغوية والتنظيمية، وبمبادئه العامة وقيمه المرجعية التي يستمدها من دستور المملكة المغربية، ومن عُمْقنا الحضاري وتجربتنا التاريخية، وموروثنا الإنساني المغربي الأمازيغي العظيم، ومن خبرات المغاربة مع أصولهم وجذورهم وتعددهم الثقافي واللغوي والمرجعي».
وأضاف إن مجلس النواب سيشتغل على القوانين التنظيمة المتبقية، التي نص عليها الدستور، ومنها مشروع القانون التنظيمي المتعلق بتحديد شروط وإجراءات تطبيق الفصل 133 من الدستور، مشروع القانون التنظيمي الخاص بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، مشروع القانون التنظيمي المتعلق بإحداث المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية وتركيبته وكيفيات سيره، وهذا القانون التنظيمي الذي نحن بصدد مناقشته الآن في هذا اليوم الدراسي، والذي لا أحد بإمكانه اليوم أن يقلل من أهميته، وقيمته النوعية، وبعده الاستراتيجي، ووظيفته الديموقراطية.