تقييد الجريمة ضد مجهول؟!

يونس مجاهد
من بين المتدخلين في ملف متهمي أحداث « أكديم إيزيك «، بعض المنظمات الحقوقية، خاصة الأمريكية، مثل هيومن رايتس ووتش، التي طلبت من محكمة الاستئناف بالرباط، «عدم إدانة أي من المتهمين على أساس أدلة انتُزعت تحت التعذيب»، مستندة في ذلك إلى ما أطلقت عليه هي نفسها» مزاعم» بالتعرض للتعذيب.
وتطالب المنظمة الأمريكية، من المحكمة المغربية، «استبعاد تلك الاعترافات والأقوال، إلا إذا استطاعت أن تبرهن أنها قُدّمت بشكل إرادي»، أي أن المحكمة تتحول، حسب هذا المنطق، إلى متهمة ينبغي أن تثبت براءتها، فهي التي عليها تقديم الدلائل، بأن مزاعم التعذيب، كاذبة، رغم أن المحكمة قامت بكل ما يتطلبه القانون، حيث سمحت بإنجاز خبرة طبية، لكن هذا لا يقنع هيومن رايتس ووتش.
تقرير الخبرة الطبية يٓخْلُصُ إلى أن الفحص لم يثبت مزاعم التعذيب، من قبيل قلع أظافر الأيدي والأرجل، مثلما ادعى المتهمون، والذي لا يمكن أن تختفي آثاره، غير أن المنظمة الأمريكية، ومثيلاتها لم تقتنع بالخبرة الطبية، التي أسندت إلى أطباء مغاربة، مشهود لهم بالنزاهة والكفاءة، لذلك تطالب بإخلاء سبيل المتهمين، وتقييد الجريمة ضد مجهول.
بالإضافة إلى هذا التشكيك في ذمة القضاة والأطباء المغاربة، فإن هذه المنظمات الحقوقية الغربية، تجاهلت بالمطلق الحجج التي قدمت ضد المتهمين، والمتمثلة في تسجيلات المكالمات الهاتفية التي تكشف عن كل الخطط التي وضعت لارتكاب أعمال العنف، وكذلك الشهود الذين تقدموا للمحكمة وتعرفوا على الفاعلين، بالإضافة إلى الصور التي تم تسجيلها بالفيديو، والتي تظهر فيها هوية المجرمين وهم يذبحون وينكلون بالجثث، ويقومون بأعمال التخريب.
تركيز هذه المنظمات على مسألة واحدة، هي «مزاعم» التعذيب، وتجاهل كل الحجج الأخرى، هدفه التشكيك في عدالة المحاكمة، بعد أن سحب المغرب البساط من تحت أرجل الداعمين للانفصاليين، حيث أعاد عرض القضية أمام محكمة مدنية، إذ أن الحملة التي أطلقها خصوم المغرب انصبت على انتقاد متابعة المتهمين، في البداية، أمام محكمة عسكرية.
غير أن المنظمات الحقوقية الداعمة للانفصاليين، وجدت، مرة أخرى، مبرراً للتشكيك في عدالة المحاكمة، مدعية أَن هناك «مزاعم» تعذيب، وهو سلوك لا يفاجأ من يعرف مواقف مثل هذه المنظمات، التي كان ممثلوها يتوجهون نحو المتظاهرين المساندين للمتهمين، أمام المحكمة، للتعبير عن تضامنهم ودعمهم، بينما تجاهلوا بالمرّة عائلات الضحايا، التي كانت تقف في الجهة المقابلة