يونس مجاهد
حسب المعطيات الواردة من الإتحاد الإفريقي، فإن عملية مراجعة المفاهيم والمصطلحات متواصلة، بخصوص ملف الصحراء المغربية، حيث اعتمدت القمة الأخيرة، قراراً ينص على التخلي عن المنهجية التي اعتمدتها هذه المنظمة القارية، وتبني ما تنص عليه الأمم المتحدة، تجاه هذا الملف.
إعتمدت المنظمة قرارات من قبيل الإعتراف بتدبير الأمم المتحدة لهذا الملف، للبحث عن حل توافقي، والتخلي عن عدد من القرارات السابقة، التي تسير في اتجاه الطرح الجزائري، الذي يدعي داخل القارة الإفريقية، أن هناك جمهورية صحراوية قائمة الذات.
ويمكن القول إن هذا هو عين العقل، لأن منظمة مثل الإتحاد الإفريقي، لا يمكنها أن تنصب نفسها مكان الأمم المتحدة، التي تتولى إدارة الملف، لأنها عاجزة عن تصريف مواقفها، مثلما حصل عند اعترافها بما يسمى بالجمهورية الصحراوية، التي تحملت وزرها دون أية نتيجة تذكر في تطور هذا الملف.
ومن الطبيعي أن تسائل القمة الإفريقية، نفسها، عن القيمة المضافة التي جنتها، بعد أن قبلت في عضويتها، كيانًا غير معترف به دولياً، لأنه غير موجود، مما عٓرّضٓ هذا القرار للسخرية، ولم تحاول أية منظمة دولية أخرى، محاكاة المهزلة التي سقطت فيها منظمة الوحدة الإفريقية.
إنتصارات المغرب، رغم أنها تبدو جزئية، إلا أنها إستراتيجية، لأن بداية التخلي عن الموقف «الخصوصي» الإفريقي، في هذا النزاع، هو مؤشر على أن عضوية الجمهورية الصحراوية، المزعومة، في الإتحاد المذكور، أصبحت مسألة وقت، فقط،لأن الطرح الأممي على علاته، لا يصل إلى حد الإعتراف بالجمهورية الوهمية كممثل «للشعب الصحراوي».
ما يمكن تسجيله بهذا الشأن، هو تناقض الجزائر والبوليزاريو، في ازدواجية تبني طرحين متناقضين، فمن جهة تعتبر الجزائر وصنيعتها أن مرجعيتها هي الإتحاد الإفريقي، ومن جهة أخرى، تتبني مرجعية الأمم المتحدة.
فإذا كان الإتحاد الإفريقي، الذي اعترف بالجمهورية الصحراوية، يعتبر أن الإستفتاء قد تمّ، بالقوة ودون تصويت،وأن «الشعب الصحرواي» قد اختار هذه الجمهورية، الذي لم يصوت لا على مشروعها الإنفصالي ولا على»رئيسها» ولا على»برلمانها»، فإن نفس الجهة، أي الجزائر والبوليزاريو، تتمسك، مرة أخرى، بقرارات الأمم المتحدة، التي تخلت، عمليًا، عن الإستفتاء، وتحث الأطراف على حل متوافق بشأنه. أي عقل يمكنه هضم كل هذه التناقضات، إلا إذا كان مصابا بالسكيزوفرينيا؟!.