الشفقة

يونس مجاهد

جمعني بممثل اِنفصاليي البوليزاريو بفرنسا، أبي بشرايا البشير، برنامج في قناة فرانس 24، لمناقشة تعنت هذا التنظيم في الانسحاب من منطقة الكركرات، رغم موقف الأمانة العامة للأمم المتحدة، الذي دعا كل الأطراف إلى هذا الانسحاب، و ما لفت اِنتباهي، خصوصا، هي الحجة الواهية التي يقدمها الانفصاليون، للتشبث بموقفهم، وهي أن المطلوب هو معالجة الوضع الشامل، وليس قضية «جزئية» مثل الوضع في الكركرات.
وما يقصدونه بالحل الشامل، هو تخلي المغرب عن أقاليمه الصحراوية، لأن جماعة صغيرة، مسلحة بأسلحة يدوية، تعترض طريق الشاحنات في الكركرات.
أليس هذا هو العبث؟ ولفهم هذا النوع من العبث، يمكن التذكير بحالة مماثلة، لهذا المنطق، الذي يستعمله جنرالات الجزائر، في رفضهم لفتح الحدود البرية مع المغرب، عندما يطالبون بتخلي المغرب عن الصحراء، مقابل فتح هذه الحدود.
الهدف الذي يسعى إليه حكام الجزائر الذين يقفون وراء كل هذه الأساليب الاستفزازية الكلاسيكية، هو خلق أجواء التوتر مع المغرب، وهذه عقيدة سياسية راسخة، لديهم، لم تُؤٓدّ في نهاية المطاف، إلا إلى الفشل الدائم والمتواصل، على المستوى الإفريقي والدولي، بل أكثر من ذلك، تحولت الجزائر إلى ذلك الرجل المريض، في شمال إفريقيا، الذي يشفق الجميع على حاله، ويتصور السيناريوهات الممكنة لسقوطه، وتداعيات هذا على الوضع الإقليمي.
من الطبيعي أن تأخذ الشفقة كل متتبع لهذا الوضع، حيث يرمي جنرالات الجزائر بحفنة من مسلحي البوليزاريو في مغامرة يعرفون أن مآلها الهوان، وأن أي عودة للحرب في الصحراء، تعني هزيمتهم، لكن أبعد من الهزيمة، هو استعمال أبناء الصحراء كوقود لحرب بالوكالة، تخوضها ضد المغرب، وتدفع بالصحراويين إلى المآسي، في الوقت الذي يظل فيه جيش الجزائر، مختفيًا وهاربا من المواجهة، كما يفعل كل الجبناء.
لذلك لا يمكن للمرء إلا أن تنتابه الشفقة، وهو يرى كيف يلعب بعض أبناء الصحراء دور الكومبارس، مقابل فُتات، يدفعه لهم جنرالات نهبوا شعبهم، ليواصلوا مهمة خاسرة، تأكد أنها فشلت، وأنها تحتضر، مهما رصدت لها من أموال و شعارات ديماغوجية ودعاية كاذبة.